(( لما كانت سوريا من الدول التي تتميز في المنطقة بالتعدية القومية والسياسية والدينية ولها دورها التاريخي في التفاعل والتمازج الحضاري على مستوى المنطقة، لذلك ينبغي لها أن تستعيد هـذا الدور وترتقي به إلى مستوى متطلبات العصر وضرورات المرحلة ، ولتجعل من هذه التعددية عامل قوة ومنعة بإعطائها بعدها الحضاري وشحنة التفاعل الحر سياسيا واجتماعيا وثقافيا، كمساهمة جادة في بلورة وتعزيز المفاهيم العصرية على مستوى المنطقة والعالم وخصوصا ما تعلق منها بالحريات الديمقراطية وقضايا حقوق الإنسان وحق الشعوب والأمم في تقرير مصيرها بنفسها..
من هنا ومن منطلق المسؤولية الوطنية، وضرورة وحدة الموقف الكردي ، لما له من أهمية خاصة، للانتقال إلى وحدة الموقف الوطني من أجل التغيير الديمقراطي الملح في البلاد، ولأن القضية الكردية لم تطرح يوما بمعزل عن الحالة الوطنية السائدة ، كما لم يطرح حلها في منأى عن الحياة السياسية والثقافية والاجتماعية في البلاد، بل ظلت هذه القضية مرتبطة ارتباطا وثيقا بمجمل القضايا الوطنية الأخرى لدرجة أصبحت من القضايا الوطنية بامتياز، لذلك كان طرح رؤية مشـتركة لحـل القضية الكرديـة في سوريا ضرورة وطنيـة بقدر ما هي ضرورة قوميـة كرديـة ، فسوريا بحـدودها الحاليـة تشكلت في إطار التقسيم الأوربي للمنطقة حسب تطبيقات اتفاقية سايكس – بيكو التي قسمت بموجبها أيضا كردستان إلى أربعة أجزاء ( تركيا – إيران – العراق – سوريا ) بما يعني أن الشعب الكردي في سوريا يعيش على أرضه التاريخية وقد ارتضى التعايش مع بقية مكونات الشعب السوري ، انطلاقا من مبدأ الشراكة الوطنية .
وعلى هذا الأساس تم الاتفاق على إبراز أهم الجوانب التي تحقق التوافق الكردي السياسي والثقافي والاجتماعي وفقاً للآتي :
في الجانب الوطني: ــ العمل على التأسيس لنظام سياسي ديمقراطي يستند إلى الشعب بقواه الوطنية المؤمنة بالتغيير .ــ العمل على إقامة دولة القانون المبنية على المؤسسات وعلى النظام الديمقراطي ومبادئ الحرية وسيادة الشعب مع ضمان التداول السلمي للسلطة .
ــ ضمان فصل السلطات الثلاث (التشريعية والتنفيذية والقضائية)، واحترام سلطة القضاء واستقلاليته.
ــ إلغاء حالة الطوارئ والأحكام العرفية والمحاكم الاستثنائية ، وإطلاق سراح المعتقلين السياسيين، وإغلاق ملف الاعتقال السياسي، وإفساح المجال لعودة كل المنفيين والملاحقين سياسيا وإنهاء الاضطهاد القومي.. ــ إطلاق الحريات العامة، ولاسيما حرية التنظيم السياسي والنقابي وحرية الرأي والكلمة وحرية الصحافة والنشر، وحرية التظاهر والاعتصام والاحتجاج والإضراب .. وإصدار قانون عصري للأحزاب والجمعيات ينظم الحياة السياسية في البلاد ،ويعبر بشكل صحيح عن التعددية السياسية والقومية والفكرية والاجتماعية، وقانون جديد للإعلام والمطبوعات..
في الجانب الكردي :إيجاد حل ديمقراطي عادل للقضية الكردية في إطار وحدة البلاد وذلك من خلال الخطوات التالية :
أولاً: في مجال الإجراءات الاستثنائية :
ــ إلغاء السياسة الشوفينية وسياسة التعريب والقوانين الاستثنائية والمشاريع العنصرية المطبقة بحق الشعب الكردي في سوريا وإزالة آثارها ، وفي المقدمة منها قانون الإحصاء الاستثنائي الخاص بمحافظة الحسكة عام 1962 ، والحزام العربي ، والتعويض على المتضررين وإعارة المناطق الكردية اهتماماً خاصاً في فترة انتقالية تكفي لإزالة آثار الإهمال المتعمد لها . ــ إعادة الجنسية للمجردين منها، وفتح باب التسجيل للمكتومين وإنصافهم أسوة بغيرهم من المواطنين.
ــ إعادة الأسماء الأصلية إلى القرى والمناطق والمحال التجارية ..الخ
ثانياً: في المجال الثقافي والاجتماعي :
ــ تأسيس هيئات خاصة بالشأن الثقافي والتربوي والتعليمي الكردي في الوزارات المعنية للإشراف والعمل على تطوير اللغة والثقافة الكرديتين، وإحياء التراث القومي الكردي والاهتمام بأدبه وفولكلوره .
ــ السماح بإصدار صحف ومجلات باللغة الكردية ( سياسية، ثقافية، أدبية ..الخ).
ــ السماح بتأسيس جمعيات وأندية ثقافية، وفرق فنية وفولكلورية..
ــ إجازة البث الإذاعي والتلفزيوني باللغة الكردية ، وتخصيص أوقات للبث بهذه اللغة في المحطات الرسمية.
ــ تدريس اللغة الكردية في المدارس والجامعات واعتبارها اللغة الثانية بعد العربية في البلاد.
ــ الترخيص بافتتاح مدارس خاصة للكرد تحت إشراف الوزارات المعنية .
ــ فتح باب العمل والتوظيف أمام الكرد ، وفق الشروط المطبقة مع سائر المواطنين .
ــإجراء بحث اجتماعي دقيق في محافظة الحسكة وإعادة توزيع الأراضي على الفلاحين ، كل في منطقته على قدم المساواة وفق معايير اجتماعية معاشية عادلة .
ثالثاً: في المجال السياسي :
ــ الإقرار الدستوري بوجود الشعب الكردي كثاني قومية في البلاد،وتأمين ما يترتب على ذلك من حقوق قومية (سياسية وثقافية واجتماعية).
ــ إشراك الكرد وتمثيلهم في المؤسسات الدستورية المركزية والمحلية تبعاً لواقعهم السكاني.
ــ إحداث وزارة خاصة لها مديرياتها في المحافظات المعنية تهتم بشؤون القوميات والأقليات القومية. )
المجلس السياسي الكردي في سوريا 30/12/2009