بعد إصدار محكمة الجنايات الثانية بدمشق حكمها الجائر بتاريخ 15/11/2009 بحقّ رفاقنا القياديين؛... المناضلون ( الرفيق مصطفى جمعة, والرفيق سعدون شيخو, والرفيق محمّد سعيد العمر) أرتأت هيئة تحرير آزادي نشر مذكرات الدفاع والتي لم يتسنّى لبعض رفاقنا تلاوتهاأمام المحكمة..وتتمة لمانشرناه في العدد الماضي/416/ من جريدة آزادي مذكّرة الدفاع للرفيق المناضل مصطفى جمعة...نتابع في هذا العدد نشر مذكرتي الدفاع لكلٍّ من الرفيقين المناضلين سعدون شيخو, ومحمّد سعيد العمر...
مذكّرة : من مقدّمه سعدون شيخو بن محمود
إنّ ادعاء النيابة العامة بحقّي واتهامي وفق المادتين 285- 306 غير صحيح ولا يمت إلى الواقع والحقيقة بأية صلة؛ حيث لم أقدم على أي عمل أو فعل يوحي بأنّني أرمي إلى إضعاف الشعور القومي أو إيقاظ النعرات العنصرية أو المذهبية أو إيجاد حالة ذعر في الشارع السوري. ...نحن في الحركة الوطنية الكردية في سوريا ومنذ انطلاقتها 1957 وكخيار استراتيجي نعتمد الأسلوب السياسي الديمقراطي السلمي في نضالنا من أجل رفع الاضطهاد القومي والتمييز المطبّق بحق الشعب الكردي في سوريا, ومن اجل تمتين أواصر الأخوة التاريخية بين الشعبين الكردي والعربي وكافة مكونات الشعب السوري, ومن أجل الديمقراطية للبلاد والحقوق القومية والديمقراطية للشعب الكردي في سوريا, والاعتراف الدستوري بوجوده كثاني قومية في البلاد؛ نريد ونطالب بتلك الحقوق في إطار وحدة البلاد, ونكرّر تأكيدنا بأنّ حل القضية الكردية في سوريا تكون هنا في العاصمة دمشق عن طريق اللقاء والحوار والتوافق.
وقضيتنا هي قضية شعب يعيش على أرضه منذ مئات السنين لم ولن تكن قضية مهاجرين أو متسللين أو ضيوف أو لاجئين. يشكل الشعب الكردي أكثر من 15% من مجموع الشعب السوري أي أكثر من ثلاثة ملايين نسمة, ويتعرّض لسياسة التغييب والتهميش والتجهيل منذ أكثر من نصف قرن في ظل غياب الديمقراطية . نعمل من أجل دولة القانون وحرية التعبير واحترام حقوق الإنسان وإطلاق الحريات الديمقراطية, وذلك برفع حالة الطوارئ والأحكام العرفية المطبّقة بحق الشعب السوري منذ عام 1963 وإلى يومنا هذا, وكذلك نطالب بوقف الاعتقال السياسي, وإطلاق سراح السجناء السياسيين, وأنصار المجتمع المدني, وبإجراء انتخابات برلمانية حرّة و نزيهة في أجواء ديمقراطية وبمشاركة كل القوى السورية, وضرورة إصدار قانون لتنظيم الأحزاب وآخر للمطبوعات, وحرية الصحافة واحترام الرأي الآخر, وسيادة القانون وتحقيق تكافؤ الفرص بين أبناء الوطن الواحد, وتأمين حياة كريمة؛ عملنا و نعمل مع كل القوى الوطنية التي تؤمن بالنضال السياسي الديمقراطي من أجل قضايانا الوطنية والديمقراطية, وفي مقدّمة ذلك استرجاع الأراضي السورية المحتلة.
نحن في الحركة الوطنية الكردية في سوريا لسنا جمعيات سياسية, وإنّما نحن أحزاب سياسية ومن دعاة الوحدة الوطنية, ونبذ الطائفية والمذهبية, ووضعنا القانوني مثل وضع كل الأحزاب الوطنية التي تعمل على الساحة السورية؛ بما فيها أحزاب الجبهة الوطنية التقدّمية وعلى رأسها حزب البعث؛ حيث لا يوجد في سوريا إلى الآن قانون لتنظيم الأحزاب في الوقت الذي يؤكّد الدستور على حق كل مواطن الإسهام في الحياة السياسية والثقافية والاقتصادية والاجتماعية, وكل ذلك ينظمه القانون, ولكن السلطة التشريعية عاجزة عن إصدار ذلك القانون حتّى الآن, وهذا بالذات يضفي بالشرعية الكاملة على كافة فصائل الحركة الكردية, ومنها حزب آزادي وجوداً وممارسةً؛ لذا لا أعتقد أن يتعامل قضاءنا السوري على مبدأ الكيل بمكيالين في هذا المضمار.
نحن في آزادي لنا برنامج سياسي معلن وإصدارات دورية وبيانات تتناول الموقف من كافة الأحداث التي تهمّ الشعب الكردي خاصّةً والشعب السوري عامةً بشكلٍ واضح وشفاف؛ حيث لا يوجد لدينا شيء مخفي ومستور وغير شرعي لأننا أصحاب قضيةٍ عادلة, ونعمل على نشر ثقافة العمل السياسي الديمقراطي, ونبذ ثقافة العنف والتعصّب في تحقيق أهدافنا المشروعة في إطار وحدة البلاد.
إنّ السؤال الذي يطرح نفسه هنا : هل المطالبة بإلغاء المشاريع الشوفينية والعنصرية المطبّقة نحق شعبنا الكردي مثل ( مشروع الإحصاء الاستثنائي الذي جرى في محافظة الحسكة حصراً1962 , ومشروع الحزام العربي الذي طبق في منطقة الجزيرة وعلى طول الحدود, وكذلك سياسة التعريب؛ حيث تمّ تعريب أسماء القرى والمدن والبلدات الكردية, ومنع أي عمل أو نشاط يهدف إلى تنمية الثقافة واللغة الكردية, واعتبار محافظة الحسكة كاملةً, وكوباني, وعفرين مناطق عسكرية حسب المرسوم/49/ لعام 2008 , بالإضافة إلى سياسة إهمال المناطق الكردية من النواحي الخدمية والتنموية؛هل المطالبة بإلغاء تلك المشاريع والسياسات يعتبر تهديداً لكيان الدولة..!؟ هل الدولة السورية بنيت على حساب حقوق شعبنا الكردي حتى يتهدّد كيانها بنضال شعبنا من أجل حقوقه؛ فإذا كان الجواب بالإيجاب من قبل صانعي هذه التهمة؛ فهذا خطأ تاريخي يجب الوقوف عليه وتصحيحه بدلاً من محاكمة أبناء شعبنا المضطهد والمحروم.
إنّ الدولة السورية بَنَت بدماء آلاف الشهداء ومن مختلف مكونات الشعب السوري الذين قدموا التضحيات من أجل استقلال وبناء الدولة السورية الحديثة؛ لذلك كلّنا شركاء في هذا الوطن, ولنا حقوق كما علينا واجبات, ويبقى التنوّع الإثني والعرقي والديني سر الانتصارات والنجاحات التي حققها الشعب السوري في معارك الاستقلال والتحرير؛ لذلك فإنّ الاعتراف بالتنوع والتعددية, والتعامل مع هذا الفسيفساء لا يعتبر عامل ضعف وتفكّك للدولة السورية؛ بل العكس فهو عامل قوة ومنعة في الجبهتين الداخلية والخارجية, وعامل تطور وتقدّم وازدهار وتنمية. .
إنّ النضال من أجل تلك الأهداف والحقوق شرفٌ لي وأعتز بها وليست تهمة ضدي, ومن جانبٍ آخر لا تزال الدوافع العنصرية والشوفينية تقف وراء استمرار محنة شعبنا الكردي, وتمارس بحقه إجراءات منظمة وممنهجة بسبب تعلّقهم بهويتهم القومية في وجه السياسات التي تريد صهرهم وإلغاء خصوصيتهم, ويتجسّد ذلك في العديد من المشاريع منها :
1 – مشروع الإحصاء الاستثنائي الذي جرى في محافظة الحسكة 1962 و بقرار من القيادة السياسية؛ حيث بموجبه تمّ تجريد عشرات الآلاف من العوائل الكردية من الجنسية السورية ونتيجة للنمو السكاني أصبح تعداد هؤلاء أكثر من / 350 / ألف نسمة, وعندما نقول تجريد من الجنسية السورية؛ فهذا يعني أنّ المجرّد محروم من حق أداء خدمة العلم, ومن حق المشاركة في الانتخابات تصويتاً وترشيحاً, ومحروم من حق التملّك والسفر والتوظيف...وقائمة محروم طويلة, ومعاناة هؤلاء تكبر يوماً بعد يوم؛ حيث أصبحت مأساة إنسانية تتوجّب الحل السريع ولا تتحمّل الدراسة والتأجيل.
2 – مشروع الحزام العربي : وبموجبه تمّ الاستيلاء على آلاف الهكتارات من الأراضي الزراعية من الفلاحين الكرد على طول الحدود السورية التركية ومن الحدود العراقية بطول 375 كم وبعمق / 10 – 25/ كم؛ حيث بدأت الحكومة ببناء تجمعات سكنية نموذجية في تلك الأراضي المصادرة وعددها /41 / تجمعاً, وبعدها قامت الجهات المسؤولة بجلب العوائل العربية من محافظتي الرقة وحلب وتم توطينهم في تلك التجمعات, ووزعت عليهم الأراضي التي تمّت مصادرتها من الفلاحين الكرد.
3 – سياسة إهمال المناطق الكردية من النواحي الخدمية والتنموية: تعتبر منطقة الجزيرة أولى المناطق السورية في إنتاج الذهبين الأسود والأصفر؛ يعتبر سكانها الأفقر على الإطلاق على مستوى سوريا, والنسبة الكبرى للهجرة والبطالة هي من نصيب الشعب الكردي, ويتعرّض أبناء شعبنا الذين يعملون في صفوف الحركة الكردية للاعتقالات التعسّفية من قبل الأجهزة الأمنية منذ تأسيس الحركة 1957 ,على يومنا هذا.
في 12 آذار عام 2004 تعرّض أبناء شعبنا الذين تجمّعوا أمام الملعب البلدي في مدينة قامشلو لإطلاق الرصاص الحي بإيعاز وإشراف مباشر من قبل محافظ الحسكة سليم كبول آنذاك, وسقط نتيجة ذلك العديد من القتلى والجرحى, وفي اليوم التالي وأثناء تشييع الشهداء تعرّض المشيعون لإطلاق نار عشوائي فسقط المزيد من القتلى والجرحى وأدّى ذلك إلى انتفاضةٍ شعبنا في المناطق الكردية وأماكن تواجده تنديداً واستنكاراً لتلك الممارسات اللامسؤولة من قبل قوات الأمن والجيش, وبعد قمع الانتفاضة وبنفس الأسلوب تعرّض الآلاف من أبناء شعبنا لحملة اعتقالات وتعرّض المعتقلون لأبشع أنواع التعذيب حتى قضى أحدهم نحبه تحت التعذيب, وفي عام 2005 تعرّض الشيخ الشهيد شيخ معشوق الخزنوي لعملية خطف وتصفية جسدية, وفي عام 2008 وفي ليلة 20/21 آذار وأثناء احتفالات شعبنا بعيده القومي عيد نوروز؛ تعرّضوا لإطلاق الرصاص في شوارع قامشلو فسقط /3/ شهداء والعديد من الجرحى.
4 – أما المرسوم /49/لعام2008 فبموجبه أصبحت محافظة الحسكة بحدودها الإدارية كاملة منطقة عسكرية, وفي محافظتي حلب والرقة حيث تقع منطقتي عفرين وكوباني فشمل المرسوم كامل المدن والقرى الكردية في تلك المنطقتين؛ حيث لا يحق للمواطنين في تلك المناطق القيام ببيع أو شراء العقارات؛ إلا بعد موافقة وزارات الداخلية والدفاع والإدارة المحلية, وبالأخص موافقة كل الفروع الأمنية, ويبقى الهدف من تطبيق تلك المشاريع والسياسات هو تغيير الطابع الديموغرافي للمناطق الكردية , وتهجير سكانها بشكل غير مباشر تحت ضغط الأوضاع الاقتصادية السيئة, والظروف المعاشية الصعبة والقاسية, ويتعرّض شعبنا لكل تلك المظالم لا لذنبٍ اقترفوه سوى أنّهم كرداً, وتجربة السنين السابقة أثبتت وحتى تجارب الشعوب الأخرى بأنّ التعامل الأمني مع قضايا الشعوب لم يجد نفعاً؛ لذا لا خيار إلا الاعتراف بالآخر, والتعامل الديمقراطي مع قضاياه, وأخيراً ونحن في الحركة الوطنية الكردية لم ولن نتخلّى ولن نتنازل عن هويتنا الوطنية والقومية وحقوقنا المشروعة, ولسوريا السلام.
سعدون شيخو بن محمود عضو الهيئة القيادية لحزب آزادي الكردي في سوريا.
* من مقدّمه محمّد سعيد العمر بن حسين : السادة القضاة المحترمون...
إنّ قضية الشعب الكردي في سوريا هي جزء من قضية الشعب السوري عامة وهي قضية الديمقراطية وحقوق الإنسان وقبول الرأي الآخر, وأعتذر من هيئة المحكمة الموقرة والسادة المحامين والحضور بأن أخاطبكم بهذا الأسلوب, فغني معتقل لا لجرمٍ قضائي اقترفته؛ بل معتقل من قبل جهة أمنية والتهم المنسوبة لي هي من جهة أمنية, ولا تخصّني بشيء ولا علاقة لي بهذه التهم؛ فأنا مواطن سوري أولاً ومن القومية الكردية أطالب بحقوق مشروعة وإزالة الغبن الذي لحق بهذا الشعب وهم أيضاً مواطنون سوريون طبق بحقّهم المشاريع والقرارات الاستثنائية والدفاع عن حقهم بالطرق السلمية بعيداً عن العنف والإرهاب والاستقواء بأحد؛ ليس جريمة وهو لأجل تقوية الوحدة الوطنية, ولرفع شأن المواطن السوري عبر الطرق الديمقراطية كما أسلفت, وبالنسبة لي شخصياً فأنا اعمل في أكبر شركة وطنية في سوريا منذ عام 1973 وسجلّي العملي يدل على وطنيتي ومعلن حزبيتي منذ 15 عاماً وجميع سجلاّت الأمن بفروعه الثلاثة مدوّن صفتي الحزبية, وذلك أثناء إجراء المسح السياسي للموظفين في كل عام ولم أسجن لحزبيتي المعلنة, وفي عامي ( 2006 – 2007 ) استدعيت إلى فرع الأمن السياسي في الحسكة, وبعد اللقاء والمصارحة عدت إلى عملي ولم أتوقف لأنني لست سرياً وكنت واضحاً ولم أزل ولم أهدّد كيان الدولة كما أنا متهمٌ به الآن, وكل ما يصدر عن الحزب من نشرات وبيانات وتصاريح فهي كلّها لم تكن إلاّ ردود أفعال للتوضيح أو للردّ على القرارات الاستثنائية التي تصدر بحق الكرد, وهناك فرق تجب الإشارة إليه بين من يقوم بهذه الأفعال لإثارة الشغب, وإثارة النعرات الطائفية, ومن يقوم بهذه الأفعال للدفاع عن المواطن والوحدة الوطنية, ورفع شأن البلد من خلال تحقيق والديمقراطية لجميع المواطنين والسعي إلى تحسين دخله وظروف معيشته ليضاهي بقية الدول وهذا كلّه تعبيرٌ عن الرأي الآخر...نأمل قبول ذلك. وشكراً.
محمّد سعيد العمر بن حسين عضو الهيئة القيادية لحزب آزادي الكردي في سوريا.